خبراء وأكاديميون: اقتصاد المعرفة يُراكم النمو ويعزز الاستدامة ويصنع الاستثمار



دخل اقتصاد المعلومات مرحلة جديدة من النضج في العقد الماضي، ويشهد العالم الان تحولاً إلى الاقتصاد المبني على المعرفة، وفي الوقت الذي يركز فيه اقتصاد المعلومات على معالجة البيانات والتقنيات وسرعة الاتصال، فان الاقتصاد المبني على المعرفة يركز على قيمة القدرات الفكرية لدى الفرد، وينظر الى الانسان بوصفه منتجاً للمعرفة.
وبات التعليم العامل الأساسي من عوامل التنمية المستدامة، إذ تتركز التنمية على البشـر بما في ذلك النمو الاقتصادي المطرد من خلال توفيـر التعليـم الأساسـي والمستمر والرعاية الصحية والعلاقة بين التعليم والتغيرات الديموغرافية.
وتكشف العديد من الدراسات والبحوث إلى أن التراكم المعرفي هو المحفز الرئيسي للنمو الاقتصادي وبالتالي فلابد من الاستثمار في التعليم والتدريب وتسهيل وجود نسبة ممكنة للتحول الهيكلي للاقتصاد المعرفي على صعيد سياسات الاقتصاد الكلي وبيئة الأعمال.
وخلال هذا التقرير نرصد آراء عدد من الخبراء والأكاديميين حول تنمية اقتصاد معرفي مستدام في شكله العام بالإضافة إلى دور مؤسسات التعليم العالي في تغذيته بما يُتاح لها من موارد وبنية تحتية وإمكانات.
في هذا الصدد يشير الدكتور غسان بن راشد النويمي وكيل عمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك عبدالعزيز إلى أن دور الجامعات في التحول إلى الاقتصاد المعرفي هو الانتقال من مرحلة ارتكاز الأبحاث على النشر العلمي إلى تعزيز الجانب التطبيقي والاكتشافات العلمية، التي لها عوائد استثمارية من خلال دعم الابتكار والربط بالصناعة، إذ أن الأبحاث ذات الجانب التطبيقي والصناعي تعزز من اقتصاد معرفي مستدام، منوّهًا إلى تعدد أوجه الاقتصاد المعرفي حيث يشمل الابتكار وبراءات الاختراع، وكذلك الاستثمار في المعرفة من خلال قواعد البيانات وخلق مجتمع ذو مرجعية علمية معرفية عبر المكتبات، كما لفت إلى أن قيادة سوق العمل وخلق فرص استثمارية للمستقبل أبرز أوجه اقتصاد المعرفة، إذ تخلق الجامعات حراك اقتصادي يسهم في بناء مجتمع علمي صناعي قائم على منظومة المعرفة حيث تُشكّل المؤسسات التعليمية بوابة القيادة لمنظومة التعليم والاقتصاد بكافة أنواعه.
فيما يعتبر الدكتور أيمن عقيل رئيس الخدمات المهنية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة Clarivate أن دور الجامعات يتجلى من خلال رسم سلم أولويات يتعلق بالمناطق البحثية ومواطن التكنولوجيا التي يجب أن تتشكّل منها المشاريع البحثية للباحثين من داخل الجامعة، كما يتصل ذلك بالاستراتيجيات الوطنية والاقتصادية والاجتماعية بمشاركة كافة المراكز البحثية في الجامعة من أجل تتسق مع الرؤى والأهداف المنشودة.
وطالب عقيل أن يكون هناك جهد مضاعف من أجل تحويل مخرجات البحث العلمي ليس فقط إلى براءات اختراع إنما إلى بناء استراتيجية في تحويل براءات الاختراع للتواصل مع الشركات الكبرى وإعطاء رخص استخدام وبالتالي توليد عائدات استثمارية كبيرة، فضلًا عن عمل شراكات كبرى بين المؤسسات التعليمية والشركات لبناء كيانات يمكن الاستثمار من خلالها وتحقيق كافة التطلعات.
ويلفت الدكتور فهد بن فرحان المطيري أستاذ مساعد في كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك عبدالعزيز إلى دور التعليم المحوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ يشكّل الأساس الذي ينبني عليه كل ما نصبو الى تحقيقه، وتعد الموارد البشرية عامل إنتاج يحتاج الى استثمار مسبق شكله الأساسي التعليم، ونوعية العمل تدل على العديد من العوامل منها التعليم والتكوين اللذان يتلقاهما الفرد قبل دخوله الى سوق العمل أو خلال حياته المهنية.
وبيّن المطيري أن الجامعات هي المسؤولة عن ابتكار القدرة الفكرية التي تعتمد على إنتاج المعرفة واستعمالها، حيث أصبحت الجامعات في مجتمع المعرفة تقود اقتصاد المجتمع من خلال القيمة المتزايدة للمعرفة، وذلك بما تمتلكه من قوى للتعليم والتدريب، كما أنها تساعد المجتمع بامتلاكه مجموعة من المهارات العالية من خلال المعرفة والفهم فيما يقدمه البحث العلمي من مخرجات في حاجة للاستثمار.
وتعلّق الأستاذة نور معوّض أخصائية وسائل تعليمية بشركة نسيج للاتصالات وتقنية المعلومات أنه وانطلاقا من دور مؤسسات التعليم العالي في إعداد جيل قادر على استيعاب تطورات العصر في كافة المجالات توفر الجامعات اليوم أنظمة تعليمية متينة وفعالة ذات مخرجات تعليم وتعلم تنسجم مع متطلبات سوق العمل محليًا وعالميًا وذلك من أجل تعزيز التميّز ومواكبة التطور، وتتابع بقولها: في ضوء التحول الرقمي في الجامعات، تأتي أهمية تعزيز ورفع الاهتمام بالاقتصاد المعرفي من خلال نشر ثقافة الإبداع والابتكار التي تستند إلى البحث والتطوير المستمر، وتوفير البنية التحتية المبنية على تقنيات المعلومات والاتصالات، وتمكين الطلاب من اكتساب مهارات تقنية عالية، بالإضافة إلى دعم عمليات التعلم المستمر والمعرفة القائمة على البحث، وبناء هيكلة للبحث العلمي، مع الاستفادة من فرص الابتعاث وتبادل الخبرات.


آخر تحديث
8/9/2022 1:23:01 PM